تحديات في التقاضي عن بعد والتنفيذ- نظرة على وزارة العدل

المؤلف: أسامة يماني11.18.2025
تحديات في التقاضي عن بعد والتنفيذ- نظرة على وزارة العدل

يتقدم كاتب المقال بعظيم الشكر والتقدير لمعالي وزير العدل، مثمناً الإنجازات الجليلة التي تحققت بفضل القيادة الرشيدة وتوجيهاتها السديدة للارتقاء بمنظومة وزارة العدل، وحرص الوزارة الدائم على تحقيق أهداف رؤية المملكة الطموحة وبرامجها التطويرية. والجدير بالذكر أن ما حققته وزارة العدل في مجال الحكومة الإلكترونية والتقاضي عن بعد يفوق إنجازات العديد من الدول المتقدمة تقنياً، وهذا إنجاز يحسب للوزارة. ولا يخفى على أحد أن العمل الدؤوب والمثابرة قد يصاحبه بعض الأخطاء والقصور، وهذا أمر طبيعي، فالإنسان بطبعه يسعى دائماً إلى التجويد والتحسين من خلال التجارب والتطبيق العملي، لذا وجب علينا جميعاً أن نتقدم بالشكر والثناء على هذه الإنجازات الرائدة والمتميزة التي نقلت وزارة العدل نقلة نوعية شاملة.

في هذا السياق، يسلط المقال الضوء على مشكلتين رئيسيتين تواجهان المستفيدين من خدمات الوزارة، الأولى تتعلق بالتصنيفات المعقدة عند قيد دعوى جديدة في التطبيق الإلكتروني. هذه التصنيفات غالباً ما تكون مقيدة بشكل يعيق إدراج القضايا المتنوعة تحت تصنيفات محدودة، مما يضطر مقدم الدعوى إلى التكيف مع هذه المتطلبات، ولو بإدراج معلومات غير دقيقة، وهو ما قد يؤدي إلى خسارته لقضيته. لذا يقترح الكاتب ضرورة إعادة النظر في هذه التصنيفات وتوسيع نطاقها لتشمل كافة أنواع القضايا، أو إلغاء القيد بالتصنيف بشكل كامل لتسهيل الإجراءات. والأمر الأكثر خطورة هو ترك قرار إحالة القضية لموظف ليس لديه الخبرة الكافية، مما قد يتسبب في عدم إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، وهذا بدوره يعطل مسار الدعوى ويؤثر سلباً على تحقيق العدالة الناجزة التي تسعى الوزارة جاهدة لتحقيقها. علاوة على ذلك، يرى الكاتب أن بعض المتطلبات مثل إرفاق صورة الوكالة عند رفع الدعوى هو طلب غير ضروري، حيث يمكن الاكتفاء برقم الوكالة الإلكترونية لتسريع الإجراءات وتسهيلها.

بالإضافة إلى ذلك، يواجه المستخدمون العديد من المشاكل عند إدخال رقم وكالة أجنبية، حيث تظهر رسالة تفيد بأن رقم هوية الوكيل غير مسجل في الوكالة، على الرغم من أن الوكالة مصدقة من وزارة العدل. هذا الإجراء يوحي وكأن النظام مبرمج على رفض الوكالات الأجنبية، على الرغم من أن المملكة العربية السعودية منضمة إلى اتفاقية لاهاي لتصديق الوثائق العامة الأجنبية (أبوستيل Apostille). ومما يزيد الأمر سوءاً هو عدم فعالية التجاوب مع الشكاوى المقدمة، مما يضر بمصالح المواطنين والمقيمين والمستثمرين على حد سواء.

أما المشكلة الثانية فتكمن في تطبيق نظام التنفيذ، الذي يشهد بلا شك نجاحات ملحوظة في العديد من الجوانب، إلا أنه لا يزال يعاني من بعض التحديات والمشاكل التي تواجه الأفراد والشركات. ومن أبرز هذه المشاكل:

1. التباطؤ الشديد في الإجراءات، وما يترتب على ذلك من تأخير في تنفيذ الأحكام القضائية، بالإضافة إلى صعوبة تقديم أي طلب أو تعديل إلا بعد مرور فترة طويلة قد تصل إلى أسبوع أو أكثر، مما يؤدي إلى تعطيل حقوق الأفراد والشركات وعرقلة سير أعمالهم.

2. التكلفة الباهظة لبعض الإجراءات التنفيذية، مما يلقي بعبء كبير على الأطراف الذين يسعون إلى تنفيذ الأحكام بفعالية وكفاءة.

3. التعقيد الإداري المفرط، حيث أن الإجراءات والمستندات المطلوبة لتنفيذ الأحكام قد تكون معقدة للغاية وتتطلب وقتاً وجهداً مضنياً لفهمها والامتثال لمتطلباتها.

4. الصعوبات الجمّة في تحصيل الأموال المستحقة من المدينين، خاصة إذا كان المدين يعاني من ضائقة مالية أو يحاول التهرب من سداد الدين بطرق قانونية ملتوية. كما أن الأوقاف تواجه صعوبات في تحصيل حقوقها نظراً للتعقيدات الإدارية.

5. عدم توفر المعلومات الكافية في بعض الأحيان، حيث يجد الشخص المتضرر صعوبة بالغة في الحصول على المعلومات الكافية حول حالة التنفيذ أو الخطوات التالية التي يجب اتخاذها.

6. التغييرات القانونية المتكررة والتعديلات المستمرة على القوانين والأنظمة، مما يؤدي إلى إحداث حالة من الارتباك وعدم الوضوح في كيفية التعامل مع الأمور المتعلقة بالتنفيذ.

7. قضايا التحكيم وتسوية المنازعات، حيث أن بعض الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم قد تتطلب اتخاذ تدابير تنفيذية محددة قد تكون معقدة وصعبة التنفيذ.

8. صعوبة تحديد مكان إقامة المدين في بعض الأحيان، وهو ما يؤدي إلى تأخير في اتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة.

ختاماً، يناشد كاتب المقال معالي وزير العدل بأن تضع الوزارة هذه الملاحظات والمشاكل التي تتسبب في تأخير وتعقيد الإجراءات نصب عينيها، وأن تعمل على إيجاد حلول جذرية لها، وذلك من أجل تحقيق العدالة الناجزة التي تعد أحد الأهداف الرئيسية التي تسعى رؤية السعودية 2030 إلى تحقيقها، من خلال تحسين الكفاءة القضائية والشفافية، وتسريع إجراءات التقاضي، وتحسين البيئة الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وضمان حصول جميع المواطنين والمقيمين والمستثمرين على حقوقهم بشكل سريع وعادل.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة